الاثنين، 10 نوفمبر 2008

ذكريات2

دائما ما أستيقظ فى الليل على صوت همسات غريبة وتأوهات وكأن أمى تتألم
أو كأنها تشكو من أشياء لا أراها ولا أعلمها ، اسمع أنفاسها اللاهثة تتلاحق
، أنفاسها تنهج ، تتأوه بصوت منخفض تحرص على ألا يعلو ، تتوسل لأبى ألا
يؤلمها وأن يكون رقيقا معها، أحيانا أسمع أبى يزجرها ويهددها، صوت
نهنهة وشبه بكاء مكتوم من أمى، أصوات أنفاس أبى تتلاحق وينهج هو الآخر،
أصوات سوست السرير تتعالى تباعا بانتظام، الخشب والألواح تئن بأصوات
منتظمة فى سرير أبى، ينخفض صوت امى الشاكى ويتعالى تهدج أنفاسها بسرعة
منتظمة، يزأر أبى زئيرا مكتوما طويلا ، يتوقف أصوات الأنين من الواح
الخشب وسوست السرير فجأة ، تتنهد أمى طويلا وتهمس شبه ضاحكة:
( شبعت وأخدت مزاجك وارتحت ياسى محمود؟)
ولا أسمع ردا من أبى فى الحجرة الحالكة الظلام والتى يبدو من فيها وكأنهم
أشباح يتحركون بانتظام أو يتصارعون على سرير أبى فى بصيص من الضوء
الداخل للحجرة من خلف أخشاب النافذة المغلقة.
وسرعان مايرتفع صوت أمى ثانيا فى شبه اعتراض :
(هو انت لسة ما شبعتش؟، عاوز إيه تانى؟ كفاية بأة أنا تعبت. خليك لبكرة
واللا لبعده علشان كابس عليا النوم ومهدودة خالص.)،
فيهمس أبى: (معلش، كمان مرة وخلاص، أصلك هيجتينى قوى، ياللا علشان أحبك)
تهمس أمى بعد تردد واعتراض منخفض وهمس : طيب استنى لما أروح أتشطف تانى
بعدين انت غرقتنى خالص، ومش راح ينفع كده تانى على بعضه)
يهمس أبى معترضا وهو يجذبها فى أحضانه : (مش لازم تتشطفى تعالى بس ،
إدينى ظهرك ونامى على بطنك)
وأستمع لصوت السرير يئن ثانية وهى تنقلب لتنام على بطنها، وترتفع أصوات
انفاسها ، تتنهد ، تتأوه، تقول أشياء وكلمات مبهمة غريبة ، تتأوح
وتتأفف وتنفخ زفيرا طويلا ، وفجأة تعترض أمى ويبدوا صوتها واضحا لى وهى
تهمس وتتوسل باكية( لا كدهه لا علشان خاطرى أبوس إيديك بلاش، كدهه بيوجعنى
قوى والنبى ياسى محمود ، مابقدرشى عليه، يالهوى ، بى عليك ، بشويش ،
طيب ياراجل حط كريمة واللا حاجة تساعدنى، آه ه ه أى ى)
وتتعالى الأهات والأصوات وأنات الألم من أمى وتنخفض بعد قليل ، ثم بكل
غرابة تقول أيوة كدهه حلو ، خلييه كده بأة متحركوش كتير ، طيب حبة حبة
موش مرة واحدة)
وفجأة يرتفع صوت أنين السوست وأخشاب السرير بانتظام مع ارتفاع آهات
وتأوهات أمى ونفخات من أبى وزفرات وتأوحات منها ، حتى يبدو أن أرض
الحجرة الخشبية نفسها تئن تحت أنات السرير ، وفجأة تهمس أمى بلهفة :
(ياه ، إيه دهه؟ سخن نازل مولع بيحرقنى من جوايا ، كفاية بأة؟ لسة
بتجيب كل ده؟ هه؟ خلصت واللا لسة؟، طيب اسحبه بشويش على مهلك علشان
بيوجعنى وهو خارج كل مرة، خد الفوطة دى حطها تحتيه علشان مافيش حاجة
تنزل على الملايات والسرير، يااااه ؟ هديت حيلى ياسى محمود. روح بأة
وأنا أحصلك عالحمام)
يقترب منى شبح أمى فأغمض عينى ممثلا النوم العميق ، فتقبلنى وتربت كتفى
وصدرى بحنان، وأشم فى جسدها روائح العرق مختلطة بروائح افرازات مهبلها
المختلطة بروائح المنى ، جسدها ساخن تشع منه الحرارة العالية بشكل غريب.
وتغيب أمى وأبى فى الحمام طويلا، لا أعرف ماذا يفعلان هناك، ولكن عينى
تستغرق فى نوم عميق حتى صباح اليوم التالى.

فى ليلة اخرى تالية تهمس لى أمى ونحن فى السرير قبل أن ننام، وهى تضمنى
إلى صدرها وتحيطنى بفخذيها: ( إذا سمعت أباك ينادينى فقل له أننى
نائمة، حتى يعرف أنك مستيقظ ، وأننى متعبة فلا يطلبنى لسريره ويتعبنى
معاه ويهد حيلى، أنا تعبانة.) فأسألها
(بيتعبك إزاى ياماما؟ هو انتم بتعملوا إيه فى سرير بابا؟)
تقول هى(بينام معاياويعملى جامد وأنا موش بأحب كده، بتاعه كبير قوى
عليا وموش مستحملاه خالص، لولا خايفة إنه يطلقنى ويأخدك منى كنت سيبته
يتفلق ويخبط دماغه فى الأرض.)، فأسأل ماما (يعنى إيه بتاعه كبير وبيوجعك
فين وازاى؟) فترد (نام دلوقت وبكرة تكبر وتعرف، أنا راح أبقى أقولك
وأشرح لك كل حاجة لما تكبر شوية بس نام دلوقتى)

وتتكرر القصة يوميا أو يوما بعد يوم ، فإذا لم تحدث ليومين أو ثلاثة
متعاقبة، يشكو أبى لكل الأقارب والناس، ولبناته الكبريات ولجدى ولجدتى ،
ثم سرعان مايرتفع صوت الشجار وتنال أمى علقة ساخنة ، سرعان ماتعود
بعدها لسرير أبى خاضعة ، لأستمع لها تتأوه وتغنج وتتوسل طوال الليل وحتى
الفجر

ليست هناك تعليقات: